السياسة ميدان من ميادين التشريع التي يتسع فيها العفو، وموضع من المواضع التي يكثر فيها الاجتهاد، وباب من الأبواب التي تَقلُّ فيها الكليات والقطعيات، وتكثر فيها الجزئيات والظنيات، وما كان كذلك لا ينبغي أن يوجد فيه تعصب، ولا أن يقع فيه إنكار على مخالف..
واختلاف الناس فيها كاختلافهم في الفروع، فالمطلوب هنا أن تختلف الآراء ولا تختلف القلوب، والمختلفون يقال فيهم: مصيب ومخطئ، ولا يقال فيهم: مؤمن ومنافق، أو صالح وفاسق. وهذا المطلوب لا يتحقق إلا إذا حسنت النيات، وصفت القلوب، فحينئذ سيظن المسلم بأخيه خيرا، ويوقن أن المصيب مأجور، وأن المخطئ معذور..
والذي يكون صدره في السياسة ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء، وإذا رأى رأيا غيْر رأيه طفق يشتم ويذم، وربما زاد على ذلك بالاتهام برقة الدين وضعف اليقين.. هو إنسان مسكين، مبتلى بداء التعصب، الذي يصمي ويعمي..
من صفحة سيد محمد أيده