مشاركتي في النسخة الـ 13 للمنتدى الإفريقى الصينى لمراكز الفكر
بدوعة من الجهة المنظمة شاركت فى النسخة الـ 13 للمنتدى الإفريقى الصينى لمراكز الفكر المنعقدة في دار السلام عاصمة تنزانيا تحت شعار “الممارسات الإفريقية الصينية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية جمعاء” يوم 8 يوليو 2022. وبسبب ضيق الوقت حيث تم تخصيص 8 دقائق لكل متحدث رئيسي تمحورت مداخلتي حول المحاور الثلاثة التالية:
(1)
التحديات الغيرمسبوقة التي يواجها العالم، والتي باتت تشكل تهديدا حقيقيا لاستمرار البشرية، حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط حروبا متواصلة واحدة تلو الأخرى، وأمريكا الجنوبية تشهد اخفاقات اقتصادية متتالية بل وحتى إفلاس بعض الدول أما أوروبا فتشهد صعود غيرمسبوق للشعبوية واليمين المتطرف، وبات الإتحاد الأوروبي مهددا بالتفكك، وآسيا أصبحت مركز الاقتصاد العالمي لكن خطر نشوب حرب نووية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بات أكثر وضوحا، وفي قارتنا الإفريقية كلما تلقت المزيد من المساعدات الدولية، كلما أصبحت أكثر فقراً، وكلما نبنت الديمقراطية على النمط الغربي، كلما زادت الانقلابات والقلاقل .
إن العالم يمر بتغيرات واسعة النطاق وعميقة، والبشرية على مفترق طرق ومصيرنا يعتمد على خيارتنا وفي هذا الإطار أظهرت الصين دورها القيادي مبكرا، حيث أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل 11عاما عن مفهوم بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية جمعاء.
ومن خلال مبادرة “الحزام والطريق”، أظهرت الصين للعالم كيفية تحديد الأهداف المشتركة من خلال التعاون وتحقيق الرخاء المشترك في نهاية المطاف، وأصبحت مبادرة “الحزام والطريق” أكبر منصة للتعاون والتنمية والسلام العالمي، والمنتج العام العالمي الأكثر ترحيبا، إذ أنه حتى نهاية العام الماضي هناك أكثر من 150 دولة و أكثر من 30 منظمة دولية وقعت على التعاون مع الصين في إطار المبادرة من بينها 52 دولة إفريقية، وجميع الدول العربية.
(2)
أمام الخيار المصيري التاريخي اختارت الشعوب الإفريقية السلام، والتعاون، والتنمية، والانفتاح والرخاء المشترك، ونحن في إفريقيا نعتبر التغيرات التي يشهدها العالم فرصة تنموية كبيرة غير مسبوقة، وإذا كان لا يمكن فصل الصين عن بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية جمعاء، فإنه أيضا لا يمكن فصل الصين عن إفريقيا، فإفريقيا والصين شريكان طبيعيان للتعاون على أساس رابح –رابح ومع ذلك وفي ظل التعددية القطبية وانحسار العولمة، والتغيرات المناخية ، والتطور التكنولوجي السريع، أعتقد أن العلاقات الصينية الإفريقية تحتاج إلى قوة دافعة جديدة ومنصات جديدة ونماذج تعاون جديدة، العلاقات الإفريقية الصينية بحاجة إلى فتح مرحلة جديدة بحيث تنقل من علاقات المساعدات إلى علاقات الشراكات والاستثمارات.
(3)
موريتانيا والصين تربطها صداقة عميقة تمتد لأكثر من نصف قرن، حيث توصف بأنها نموذجا لعلاقات الصداقة الإفريقية الصينية، والعربية الصينية. الاقتصاد الموريتاني يعتمد إلى حد بعيد على إنتاج وتصدير المواد الخام من أجل تحقيق النمو، ونتطلع في موريتانيا إلى التقدم نحو الأمام نحو الصناعة التحويلية في مجال الحديدو الصلب، وتعليب السمك، وكذلك إنتاج الطاقة المتجددة، وهناك فرصة لتعميق التعاون لتطوير التنمية المستدامة بين البلدين في إطار مبادرة الحزام والطريق ورؤية التعاون الصيني-الإفريقي2035 مع التركيز على مجالات البنية التحتية، والسياحة، ومحاربة التصحر، والاقتصاد الرقمي، هذا بالإضافة إلى دعم خلق الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، مما سيخلق الشروط اللازمة لبناء مجتمع المصير المشترك الأوثق الموريتاني الصيني في العصر الجديد.
تجدر الإشارة إلى أن النسخة ال 13 لمنتدى مراكز الفكر الصينية الإفريقية حضرها أكثر من 300 مسؤول حكومي وباحث من بينهم وزراء سابقين ورؤساء جامعات و مستشارين وزراء حاليين وأساتذة وباحثين من 49 دولة إفريقية بالإضافة إلى الصين. هذا من جهة و منجهة أخرى كشف وزير الخارجية الصيني وانغ يي، اليوم الخميس الماضي ، أن اجتماعا جديدا لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك) سيُعقد في الخريف القادم في بكين، حيث سيجري خلاله قادة الجانبين مناقشات بشأن التنمية والتعاون في المستقبل، وسيجرون تبادلات معمقة بشأن تجارب الحوكمة، القمة سأتي في ظل رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي مما يحتم اعطاء إهتمام خاص لملف التعاون الصيني الإفريقي.