مقابلة صحيفة “القلم”
مع السيد مسعود بلخير رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي (09.09.2024).
مسعود بلخير، رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي.
القلم: بعد إعادة انتخابه، أدى الرئيس غزواني اليمين، واختار وزيرا أول وشكّل حكومته.
كيف عشت هذه الأحداث؟
وما تقييمك لمشاركتك في حملة المرشح غزواني الذي دعمته؟
هل يمكنك أن تشرح لنا سبب هذا الدعم؟
مسعود بلخير: أعتقد أنني عشتها كما عاشها الجميع، بمشاعر متباينة تتراوح بين القلق الخفيف، والشديد حول ما إذا كانت التطلعات والمشاريع ستتحقق أم لا.
ففي كثير من الأحيان تتداخل، وتتقاطع، بل وتتلاشى المصالح الشخصية، والحزبية، والعامة، وفي هذا السياق، يحتفظ حزب التحالف الشعبي التقدمي ورئيسه بحكمتهما، في انتظار أن تتضح الأمور أكثر، في وضع لا تكون فيه الأشياء دائمًا كما تبدو للوهلة الأولى.
السبب الأول لدعم الحزب للمرشح غزواني، بيناه في تصريحاتنا خلال حملتنا الانتخابية، وهو نتيجة لمقارنة قدرات كل المترشحين على قيادة البلاد بشكل سليم في الوضع الحساس الذي تعيشه بلادنا حاليًا.
أما السبب الثاني (والذي يخص المعارضة داخليًا) فهو افتقارها للتنظيم، الذي تُغذّيه الخلافات والطموحات الفردية لكل طرف، ويجب الاعتراف أيضًا بأن هناك جرعة كبيرة من عدم الخبرة.
القلم: في خطابه الافتتاحي، كرر الرئيس التزاماته الانتخابية، مثل تعزيز الوحدة الوطنية، التماسك الاجتماعي، محاربة الفساد، والنهوض بالشباب… ماذا تعني لك هذه المواضيع؟
هل تعتقد أن حكومته يمكن أن تكون أفضل مما كانت عليه في ولايته الأولى؟
مسعود بلخير: كما قلت سابقًا، من المبكر جدًا إصدار حكم في الوقت الحالي، ولا يسعنا إلا أن نأمل من أعماق قلوبنا أن تكون تجربة الولاية الأولى بمثابة منارة للولاية الثانية، وذلك لمصلحة البلاد ككل، ومع ذلك، أسمح لنفسي بتقديم ملاحظتين:
أ – فتح المجال أمام الشباب لا يعني خرق التقاليد والأعراف بوضعهم في مقدمة البروتوكول الرسمي، بل يتمثل في إسناد وزارات مثل العدل، الداخلية، الدبلوماسية والدفاع، لهم بناءً على تدريبهم وجدارة أدائهم، أو على الأقل، تسهيل مهمتهم في تنفيذ نصائح وتوجيهات الأكثر حكمة وتجربة منهم.
ب – إذا كان إعلان السياسة العامة للسيد الوزير الأول هو الترجمة الأمينة لبرنامج السيد رئيس الجمهورية، فيجب الاعتراف أن كل المحاور موجود فيه، بالرغم من أن ترتيب وتنظيم الأولويات يطرح نفس اللغز الأزلي؛ المطروح عن البيضة والدجاجة: أيهما الأسبق؟
هل يمكن بناء دولة ومؤسساتها دون الاعتماد على المجتمع والأفراد الذين يديرونها؟
ما البناء الذي يمكن أن يصمد دون استخدام مواد مناسبة وقوية منذ البداية؟
وأي أمن يمكن تحقيقه في ظل الفوارق الاجتماعية الصارخة، والظلم، والإفلات من العقاب؟
القلم: في خطابه الافتتاحي، اقترح الرئيس المنتخب مجددًا إجراء حوار شامل هذا موضوع عزيز عليك، كيف استقبلت هذه الدعوة؟
وهل سيشارك حزب التحالف الشعبي التقدمي فيه؟
وفي أي ظروف؟
وما هي توقعاتك لموريتانيا من خلال هذا الحوار؟
مسعود بلخير: استقبلنا الدعوة بترحيب حار وبالتصفيق لأنه، كما ذكرت بشكل صحيح، قناعتنا الراسخة هي أن حل جميع مشاكلنا، إذا كانت الإرادة السياسية صادقة، يمر بالضرورة عبر تنظيم حوار من النوع، الذي يسميه البعض مؤتمرًا وطنيًا، دون إقصاء ودون محرمات من أي نوع.
القلم: كنت قد بادرت وشاركت في الحوارات السابقة التي لم يتم تنفيذ العديد من توصياتها.
ماذا ستقول للرئيس إذا استشارك في تنظيم هذا الحوار؟
وما هي المواضيع التي سيقترحها حزب التحالف الشعبي التقدمي؟
مسعود بلخير: لا أوافقك بالكامل على هذا الرأي.
بالفعل، جميع المكتسبات التي حققناها في مختلف المجالات حاليًا هي نتيجة الحوارات المتعاقبة التي شارك فيها حزب التحالف الشعبي التقدمي، سواء بمفرده أو برفقة ثلاثة أحزاب معارضة على الأقل، وهكذا، فإن جميع المكتسبات الديمقراطية، تقريبا، مثل التعددية، النسبية، الهجرة الانتخابية، اللجنة المستقلة للانتخابات (CENI)، وضع المعارضة، النوع، والمواضيع المتعلقة بالمساواة في الحقوق، بما في ذلك الحق في الاختلاف، وعدم تقادم الجرائم المتعلقة بالوصول إلى السلطة بالقوة، وتجريم الرق، والتعذيب، والاعتداءات الأخرى على الحرية وكرامة الإنسان، هي نتاج تلك الحوارات.
بالطبع، في مجالات الوحدة الوطنية، العدالة، الحكم الرشيد، الإدارة المتاحة للجميع، توزيع الموارد، ومكافحة الفوارق الهيكلية الناجمة عن القبلية والإقطاع، لا تزال الأمور على حالها تقريبًا، فالمحسوبية و”النيبوتيزم”، يزيدان من شعور التهميش والإقصاء المتزايد لدى شرائح واسعة من مجتمعنا.
هناك بلا شك مكتسبات هامة يجب تحسينها باستمرار، وفجوات عميقة يجب سدها في أسرع وقت.
القلم: فشلت المعارضة الموريتانية في الاتفاق على مرشح موحد للرئاسة، من يتحمل المسؤولية؟
ألا تعتقد أن قادتها يجب أن يجتمعوا للتحدث بصوت واحد في الحوار الذي دعا إليه الرئيس؟
وهل ستساهم في تحقيق هذا الهدف؟
مسعود بلخير: لكل فرد نصيبه من المسؤولية، وأنا أولهم، لأني حاولت بشكل خجول تهدئة الطموحات المتعلقة بالترشيحات المتعددة التي كانت تظهر بشكل واضح، ثم بحزم من خلال مبادرتي التي كنت أعتقد أنها ستحفظ ماء الوجه للجميع، وخاصة للمعارضة ومرشحيها والرئيس السابق آنذاك. لكن تلك المحاولات قوبلت برفض قاطع وسريع من المعارضة ومرشحيها، الذين لم يروا فيَّ سوى شخص محبط، لا يزال يحاول النهوض بعد تراجع حزبه في الانتخابات السابقة.
لعدم السعي لفهم الموقف، اندفع الجميع بتهور، وكانت النتيجة هي الشكاوى والنتائج التي نعرفها، أولئك الذين تحدثوا نيابة عن السلطة آنذاك لم يروا في مبادرتي سوى سخرية ومبالغة من عجوز هرِم، لهذه الأسباب، أصبحنا جميعًا مسؤولين بشكل مشترك عن العواقب التي عشناها وسنعيشها.
بطبيعة الحال، إذا قبل الآخرون أن يروني كما أنا، وليس كما يظنون أنني يجب أن أكون، فلم يكن هناك أي مطلب حالي أو سابق أو مستقبلي لم أكن الرائد فيه.
القلم: يمكن أن يوصي الحوار بإجراء انتخابات محلية مبكرة، ما يعني حل البرلمان، هل سيكون حزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي فشل في انتخاب مرشحيه في الانتخابات البلدية والإقليمية والبرلمانية، موافقًا على هذا الاحتمال؟
مسعود بلخير: لن أعارضه إلا إذا تم إعلانه رسميًا على أنه جلسة تعويضية لحزب التحالف الشعبي التقدمي وجميع الخاسرين في الانتخابات السابقة.
القلم: ما رأيك في الإجراءات الأولى لحكومة الوزير الأول ولد اجاي (خفض سعر الأسمنت، مراقبة أسعار السلع الأساسية، إقالة بعض المسؤولين لأسباب، من بينها المحسوبية… إلخ)؟
هل تعرف الرجل (الوزير الأول)؟
وهل تعتقد أنه يمكن أن يغير الوضع في موريتانيا؟
مسعود بلخير: الإجراءات جيدة، ويجب الاستمرار فيها وتوسيع نطاقها، لا أعرفه كما يعرفه العديد من المواطنين الآخرين، ولم أكن على اتصال مباشر معه كما حدث مع العديد من الآخرين، لكن ما أعرفه عنه يلهمني الثقة وأعتقد أنه قادر تمامًا، إذا أُعطي الوقت الكافي، على تحقيق المعجزات للبلد.
القلم: في سياق إنشاء المدرسة الجمهورية، تعتزم وزارة التعليم إطلاق تجربة ثانية للغات الوطنية: البولارية، السونكية، والولوف. ما رأيك في ذلك؟
مسعود بلخير: إذا كان التقييم الفني من اختصاص المتخصصين، فإن التقييمات الاجتماعية والثقافية والسياسية تتوافق تمامًا مع توقعاتي ورغباتي.
القلم: خلال عرض حصيلة الولاية الأولى لرئيس الجمهورية، علم الموريتانيون أن وكالة “تآزر”، وهي وكالة لمكافحة الفقر والتضامن، ضخت 770 مليار أوقية لتحسين ظروف حياة الفئات المحرومة. ما هو رد فعلك؟
مسعود بلخير: لا أصدق كلمة واحدة من هذا الكلام، وردة فعلي الحادة والقاطعة هي أن الأمر غير صحيح.
وكالة “تآزر”، بدلاً من التخفيف من الفوارق، لم تفعل سوى تعميقها، بعد أن تم تحويلها بشكل علني لأغراض أخرى.
هذا المبلغ الذي تم تضخيمه بشكل مبالغ فيه، يعطي مقياسًا لحجم الأموال التي تم تحويلها عن وجهتها الأصلية المفترضة، وهي أموال لم تُستخدم في الغرض المعلن، وهذه الوكالة، وسابقتها “تضامن” (التي أقترحها التحالف الشعبي التقدمي خلال الحوار 2011)، لم تكن سوى محطة من محطات تبييض تلك الأموال.
بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لعدم وجود أي دليل موثوق يثبت فعاليتها، أقترح، عندما يحين الوقت، أن تُخضع لتدقيق مستقل، قبل أن نغير أخيرًا المسار ونعيدها إلى وظيفتها الأصلية.