طالعت تقرير محكمة الحسابات الذي تم نشره هذه الايام وهو يعبر عن مجهود كبير تقوم به هذه الهيئة من اجل حماية المال العام في حدود ما يتيح لها القانون المنظم لعملها.
ولتقييم اداء هيئات الرقابة عموما لابد من معرفة النصوص المنشأة لها التي حصرت دورها في التحقيق في تسيير الأموال العمومية وإعداد التقرير عن الاختلالات الملاحظة في تسيير المال العام إلى السلطات العامة وتعلم الرأي العام الوطني بملخصات عن هذه التقارير او إصدار عقوبات إدارية كالتغريم وليس من صلاحياتها محاكمة من اثبتت التقارير الصادر عنها ارتكاب اخطاء ترقى إلى مستوى جناية او جنحة او اختلاس فكل ما تتيحه لها النصوص المنظم لها في هذه الحالة هو احالة الملف إلى وزارة العدل لتحريك الدعوة العمومية وتنتهي مهمتها هنا وكثيرا ما أحالت العديد من الملفات إلى وزارة العدل ليتم التحفظ عليها وتظل حبيسة الادراج لذا يتم في الغالب التعامل مع هذه الملفات بتغريم أصحابها باستعادة المبالغ المتهم بتبديدها بأقساط ميسرة وهو حال باقي الهيئات الرقابية الاخرى المفتشية العامة للدولة والمفتشية العامة للمالية وحتى السلطة الوطنية لمحاربة الفساد المنشأ حديثا ذهب القانون المنظم لها إلى نفس الاتجاه.
فرغم تعدد هيئات الرقابة إلا ان الفساد لا يزال مستشري ويعتبر آفة حقيقية تضرب في الصميم المجهود التنموي للبلد وتعيق تقدمه .. فالبلد خسر حسب هذا التقارير ما يقارب 400 مليار بسبب آفة الفسادالذي اصبح ثقافة وسلوكا اجتماعياً بات من اللازم التصدي له من خلال انخراط الجميع في محاربته.
فساد حول بلد الثروات والخيرات إلى بلد أهله منهكين بالفاقة والحاجة وتعج شوارعه بجيوش من العاطلين عن العمل
لذى فإننا نعول على الحكومة في اتخاذ اجراءات عملية في محاربة الفساد واستئصال المفسدين في ظل الإرادة السياسية المعبر عنها من قبل فخامة رئيس الجمهورية في تعزيز اليات محاربة الفساد .
مما يتطلب مراجعة القوانين المنظم لهيئات الرقابة بما فيهم محكمة الحسابات لتمكينها من تحريك الدعوة العمومية مباشرة امام المحاكم وان تكون لها صفة الطرفية في كل القضايا المتعلقة بالفساد حتى تتمكن من ملاحقة المفسدين ومحاكمتهم لتصل يد العدالة إلى كل من عبث بمستقبل الأجيال وأفلت من العقاب وحتى لانظل نتحدث عن نصوص جامدة و عن مبادئ عامة حول الشفافية والحكامة ومحاربة الفساد
فلا نريد لمحاربة الفساد ان تتحول إلى شعارات تلكه الالسن على وسائل الاعلام كما فعلت بسياسات محاربة الأمية التي تم اختزالها في نشيد وظلت الأمية على حالها ومحاربة الفقر التي افقرت البلد
وكما يقال ان الفساد كالرائحة الكريهة لا يكفي ان تسد أنفك عنها بل يجب أن تتحرى عن مصدرها فتزيله .
